المقالات

“من له حيلة فليحتال”

 

بات ضعف الثقافة الاستهلاكية لدى أغلب المجتمع السعودي وبعض المقيمين مشجعاً لكثير من المحلات والأسواق والمولات التجارية، لتنتهج سياسة جديدة في طريقة الإعلان أو العرض عن سلعهم من منطلق المقولة المعروفة “من له حيلة فليحتال “.  

 

ففي الآونة الأخيرة شاهدنا مجموعة من العروض الوهمية بشكل أشبه ما يوصف ب”السرقة بالايحاء” ، لا سيما في السلع الاستهلاكية الأساسية التي تلامس احتياج المستهلك ، وهو ما يجرنا للحديث عما قامت به أسواق بنده من عروض على مجموعة من السلع الاستهلاكية أطلقت عليه شعار ” إيوه اتجننا ” و الذي لا يخلو من المبالغة في الدعاية و الإعلان عن خصومات تفاجأ لاحقا بها بعض المتسوقين بأن أغلبها ليس حقيقياً، مما دعى مجموعة منهم الإبلاغ عن هذه التجاوزات لوزارة التجارة والتي أعلنت بعدها عن رصد عدة تجاوزات ومخالفات في الأسعار في بعض فروع أسواق بنده لتبُرِّر الشركة تلك التجاوزات بأنها ” غير مقصودة ” بكل بساطة دون أدنى اعتذار للمتسوقين ،الذين اكتظت بهم فروع بنده وامتلأت عرباتهم بجميع أنواع السلع سواء بما يحتاجونه أو ما لا يحتاجون ، بشكل يدل على ضعف الثقافة الاستهلاكية التي من خلالها يستطيع المستهلك معرفة ما يحتاج و معرفة السعر المناسب للسلعة ومدى جودتها والتأكد من صلاحيتها و أخيراً من مصداقية تلك العروض والأسعار .  

 

ولا تقتصر عملية الاحتيال على المستهلك بتمرير السلع التالفة أو الفاسدة أو القريبة من انتهاء فترة الصلاحية فقط ، إنما أيضاً بالتحايل و التلاعب في الأسعار من خلال عروض و خصومات قد تكون في الواقع ليست حقيقية، بل تتصف هذه العروض بالوهمية، ومجرد عملية جذب للناس لزيارة هذه المجمعات والمحلات التجارية، وشراء حاجيات قد لا تكون ضرورية ، ولكن للاستفادة من وهم العروض التي يعلن عنها من قبل المجمعات و المحلات التجارية.  

 

و هذه الإعلانات الوهمية تعرض المستهلكين  للغبن والخداع ،و تعد خطرا على ميزانية المستهلكين ولها انعكاس سلبي على سمعة الأسواق التجارية. 

إلا أن هذه الأوضاع تُضاعف المسؤولية أمام الجهات الرقابية للحد من الاحتيال والاستغلال غير المبرر للمستهلك ، وبذل المزيد من الجهد لرفع مستوى وعي المستهلك والتخلص من السلوك العشوائي الذي كان له دور في ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات في بعض الأحيان إلى مستويات مبالغ فيها. 

 

فالمجتمع اليوم أصبح بحاجة ماسة لإمتلاك الثقافة الاستهلاكية الإيجابية ، نظراً للتحولات الاقتصادية  التي تمر فيها البلاد و ارتفاع كلفة المعيشة، فهو يعاني من مشكلة تنظيم الدخل، وكذلك تحديد الأولويات، ومعرفة البدائل المناسبة.

 

علما أننا نجد أن الثقافة الاستهلاكية في مجتمعنا غائبة عن تفاصيل حياتهم اليومية، بعكس إرتفاع مستوى الثقافة الاستهلاكية لدى الغرب، وتنعكس هذه الثقافة بشكلها الإيجابي على مداخيل المستهلكين من خلال التوفير و هذا يسهم في تحويل المبالغ الموفرة إلى غايات أخرى.

 

لذا يجب غرس هذه الثقافة لدى المستهلك ، لرفع وعيه، وتثقيفه ليكتسب العادات الاستهلاكية الإيجابية، ليكون مهيأ عندما تحدث تحولات اقتصادية تحتاج إعادة النظر في الثقافة الاستهلاكية السابقة و التي قد وافقت في الفترة الماضية طفرة اقتصادية عمت جميع فئات المجتمع مما جعل الاستهلاك بين أفراد المجتمع يصل إلى حد الترف بعيدا عن الحاجة و هو ما ينذر بخطر يهدد مستقبل الأسر و التي قد تصل للفقر في وقت الاقتصاد يكون فيه بأحسن حالاته ، و هذا يتطلب تعديل السلوك الاستهلاكي الترفي إلى ترشيد في الاستهلاك و اعتدال و توازن في الطلب على الاحتياجات الضرورية و البحث عن البديل المناسب والأقل سعراً .    

 

إلا أن الحل الأمثل لعلاج هذه الظاهرة في مثل هذه الظروف و التي يحتاج فيها المجتمع لغرس مفهوم الثقافة الاستهلاكية لديه بشكل إيجابي و حمايته من الاحتيال والغش التجاري و ذلك بالتركيز على عدة أمور منها :

_ زيادة الرقابة من قبل إدارة حماية المستهلك ووزارة التجارة على هذه التنزيلات والعروض، وبالأخص على كميتها وأصنافها، وذلك قبل الموافقة على منح ترخيص العروض لهذا المجمع أو ذلك المحل . 

_ تثقيفه بما يحقق له الحد الأدنى من الثقافة الاستهلاكية. 

_ التخلص من القيم الاستهلاكية السيئة السلبية. 

_ كبح الانفعال العاطفي ومراقبة الاستهلاك والتحكم في كميته ونوعه وسعره.  

_  تشجيع الأفراد على الادخار وتيسير فتح قنوات فعالة لاستثمار مدخراتهم.

________________________

الكاتب/ساير هليل المضياني

عضو المجلس البلدي بالجبيل

@abuomer_121

اظهر المزيد

‫5 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى