المقالات

سلوة المظلومين ونذير الظالمين..

الحمد لله القائل:(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) والصلاة والسلام على رسولنا القائل:(الظلم ظلمات يوم القيامة)

كانت هذه الكلمات لما رأيت من كثرة الظلم وتساهل الظالمين وتوجع المظلومين واستجابة لنداء نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل يارسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟ قال صلى الله عليه وسلم : تحجزه أو تمنعه)
فالله أسأل أن تكون مقالتي سببا في نصرة ظالم ومظلوم برد حق مظلوم ومنع ظالم عن الظلم .

إخواني الكرام وأخواتي الكريمات :
عواقب الظلم وخيمة كثيرة ولعلي أذكر بعضها سلوة للمظلومين ونذيرا للظالمين :
أشنع الظلم وأفضعه الشرك بالله ، قال تعالى:(إن الشرك لظلم عظيم) احذر أشد الحذر من الشرك الأكبر ومايوصل إليه من الشرك الأصغر ، فكيف لا يكون الشرك ظلما عظيما والمشرك يأكل من طعام الله ويشرب من شرابه ويتنفس من هوائه ويمشي على أرضه ويحلق في سمائه ويتنعم بنعمه ثم يدعو معه أحدا و يحب أحدا كحب الله و يخاف من أحد كخوفه من الله و يحلف بغير الله – جل في عليائه وتنزه عن شركائه – إياك ثم إياك أن تظلم إنسانا فيكون من أولياء الله وأحبائه فتدخل معركة الرابح والخاسر فيها معروف ، قال تعالى في الحديث القدسي:(من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب) ، إياك ثم إياك أن تظلم ضعيفا ومسكينا فرحمة الله تحل عليهم ومن يظلمهم فالله ناصرهم قال تعالى:(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)
إياك ثم إياك أن تظلم مسلما فقد حرم نبينا – عليه الصلاة والسلام – في خطبة الوداع دم المسلم وماله وعرضه ، إياك ثم إياك أن تظلم إنسانا
قال صلى الله عليه وسلم:(اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ، إياك ثم إياك أن يشتكيك أحد إلى الواحد الأحد فالمحكمة هناك عادلة ؛ الحَكَم فيها الله .
قال تعالى:(اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لاظلم اليوم إن الله سريع الحساب)
إياك ثم إياك أن تأتي يوم القيامة بحسنات كالجبال فتتفاجأ بطوابير من الناس ينتظرون منك القصاص فتكون من المفلسين ،
فمن خطورة الظلم أن التائب منه لايكفيه الإقلاع عن الذنب والندم في القلب والعزم على عدم العودة بل لابد من قبول التوبة رد الحقوق إلى أهلها ، فحقوق العباد مبنية على المشاحّة وحقوق الله مبنية على المسامحة ، ولئن تخطئ في زيادة حق لإنسان أهون من أن تخطئ في نقصان حقه ، وإن كان ولابد من الظلم فكن مظلوما ولاتكن ظالما ، قال صلى الله عليه وسلم:(لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) فإن كان الله يقتص للحيوان فكيف بالإنسان ، لو أن إنسانا يظلم كل يوم ثلاثة أشخاص فقط من غيبة وبهتان ونميمة وغيره وعاش خمسين عاما فسوف يلاقي أكثر من خمسين ألف خصيم يوم القيامة !
ومن الناس من يظلم في المجلس الواحد عشرين شخصا، فهل تظن هؤلاء يتنازلون عن حقوقهم في ذلكم اليوم الذي يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه؟!
ومن عواقب الظلم قوله صلى الله عليه وسلم:(يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدَّين) فلا تتساهل في سداد الدين ولو كان قليلا قال صلى الله عليه وسلم:(من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) ، قال صلى الله عليه وسلم:(إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار) وهذا يدل على بشريته صلى الله عليه وسلم ، فالظلم وارد ومن ظُلم فليأخذ حقه بالطرق المشروعة ، فإن لم يستوف حقه في الدنيا فسيلقاه وافرا محفوظا يوم المعاد ، فعلام الحزن وربك القائل:(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) ، إن رأيت ظالما يتمادى في ظلمه فاعلم أن من أقسى العقوبات الإملاء والاستدراج ، قال صلى الله عليه وسلم:(إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)
قال تعالى:(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) قال السعدي:إن كان الركون للظلمة موجبا للنار فكيف بالظالمين أنفسهم ؟
كتب رجل إلى عبدالله بن عمر أن اكتب إلي بالعلم كله (تأمل جوابه – رضي الله عنه وعن أبيه- الذي يدل على علمه وفقهه ) قال:(إن العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس خميص البطن من أموالهم كاف اللسان عن أعراضهم ملازما لأمر جماعتهم فافعل)

ختاماً من ظلم أحدا فليحمد الله على المهلة وليشرع في الأوبة ويرد لأخيه حقه ويتحلل منه اليوم قبل يوم الحساب ، ومن كان مظلوما (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)
وإن لم يعف عن أخيه فهو حق من حقوقه وليحسن الظن بربه القائل:(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)

لعل نشرك لهذه المقالة تحجز بها عن أخيك ظلما وترد بها لأخيك حقا وربك لا يضيع أجر من أحسن عملا .

———————

كتبه:محسن ناصر الشهراني
٢٢ ربيع الأول ١٤٤٢
من الهجرة النبوية

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى