المقالات

تحدي نقل المعرفة

ما كان للحضارات السابقة أن يشع ضياءها دون تعاقب الأجيال المخلصة في ترسية قواعدها والتعاون في بناءها لتحقيق النمو و الإزدهار. فالحضارة مفهوم غير محدود بتماثيل و أركان و عمران, بل أنه الرقي في العلوم النظرية العقلية و التجريبية التطبيقية.
ويرى ابن خلدون بأن نمط الحياة المستقرة أساس نشأ القرى و الأمصار, وباعتقادي أن الاستقرار لا يقتصر على جانب الأمن و السلم, فهو يتخطى ذلك الى استقرار في التنمية و الرؤية و المنهج و نقل المعارف و العلوم عبر الأجيال.
لذلك فإن من التحديات التي تواجه الكثير من الشركات و المؤسسات يكمن في نقل المعارف و الخبرات, فنقل الخبرات عبر سلسلة بشرية فكرية ليس بالسهل اذا ما علمنا بأن سقوط أحد حلقاتها قد يحدث خلل يربك العمل. وكما يٌعرفها بعض المفكرين بأن الخبرة أعلى مراتب المعرفة فهي نتاج مكتسب من العلم ببواطن الأمور عبر الزمن, فليس من السهل تعويضها.
ماجيراشيل الذي ينحدر من عائلة روتشيلد اليهودية الأصل قد أدرك ذلك مبكراً, ففي عام 1821م أرسل أبناءه الخمسة الى كل من انكلترا و المانيا و فرنسا و ايطاليا و النمسا و أوكل لكل منهم تأسيس مؤسسة مالية, بعد أن وضع قواعد تسمح بتبادل المعلومات بينهم ونقل الخبرات بسرعة عالية مما يحقق أعلى درجات النفع. ومع تعاقب أجيال هذه العائلة والتزامها بتلك القواعد اصبحت اليوم تملك نصف ثروة هذا العالم بامتلاك غالبية سندات البلدان الكبيرة و البنوك العالمية وتسيطر بشكل فاعل على الخدمات المالية عبر القارات.
أرامكو السعودية التي أطلقت برنامج “نقل المعرفة” في عام ٢٠١١م ليشمل مائة إدارة للمحافظة على ميزتها التنافسية بين كبار شركات النفط في العالم، هل ستكون مثال يحتذى به قريباً في باقي مؤسساتنا؟.________________________

الكاتب/م.ياسر عبدالله الغامدي

Yasser4jb@gmail.com

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى