المقالات

“اللهاية الذكية”

اللهاية أو المصاصة أو (المُسَكِّتة) أداة يمصها الطفل الرضيع لإلهائه ، حيث يساعد استخدامها معظم الأطفال على النوم والاسترخاء ، كما يخفف من إنزعاجهم وبكائهم ويعطي ذويهم قسطاً من الراحة التي تمكنهم من ممارسة جزء من نشاطهم  المعتاد بهدوء ، لذلك غالبا ما نجد الأهل في معظم  المجتمعات يفضلون استخدامها مباشرة بعد الولادة لذا أصبح استعمالها يمتد لمرحلة عمرية متقدمة لما توفره من الهدوء للأهل بغض النظر مما فيها من سلبيات مؤثرة في شخص الطفل وصحته.

وفِي الوقت نفسه الذي نعاني فيه من هذه المشكلة ساهم التطور التكنولوجي الذي يشهده عالمنا المعاصر بظهور لهاية جديدة من نوع آخر تعطي الأهل القدرة على الاستمرار بإسكات أطفالهم لكن هذه المرة بلهاية أخرى جديدة يمكن تسميتها
” باللهاية الذكية ” و ذلك بالأجهزة الذكية مثل “الآيباد ” و”الآيفون” و ” الآيبود “و غيرها من الأجهزة المنتشرة في جميع أنحاء العالم والتي لم تعد مقتصرة على المدن الكبيرة منها بل و تجدها في أصغر القرى، حيث أصبح استعمالها أسلوباً راسخاً لأغلب الأباء و الأمهات من أجل إلهاء الطفل و إسكاته عندما يستدعي الأمر لذلك من وجهة نظرهما وغالبا ما يكون في حالات بكاء الطفل ، أو إنزعاجه من أمر معين ، أو في حال إنشغال الوالدين عنه أو لتقليل حركته الطبيعية كطفل والتي يرونها زائدة سواء داخل المنزل أو خارجه.

للأسف تتم الاستعانة بهذه الأجهزة الذكية كوسيلة لإلهائهم و إشغالهم دون النظر لما يصاحب هذه الطريقة من مخاطر و أضرار قد تصيب الطفل من جراء الجلوس لفترات طويلة أمام هذه الأجهزة الذكية و التي أصبحت في متناول جميع الفئات العمرية . وتسبب هذه الأجهزة للأطفال في حالة الاستعمال المكثف لها مشاكل عدة قد تصل إلى حد الإدمان وإضعاف الذاكرة  و الصرع و الانحناء في العامود الفقري و جعل الطفل أكثر عنفا وانطوائية ، و هو ما دفع الكثير من الأخصائيين و التربويين للتحذير من  الآثار السلبية لها و زادت مطالبتهم بتقنين استخدامها، و تشير دراسة قامت بها مؤسسة دوكمو اليابانية المتخصصة في خمس دول فكانت نتيجتها أن 70% من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 18 عاماً ممن شملتهم الدراسة يمتلكون هواتف نقالة مستقلة عن ذويهم.

ولا يخفي خبراء تربويون واجتماعيون تأييدهم للاستخدام المقنن لهذه الهواتف، ويتحدثون عن فوائد ذلك، إلا أنهم يحذرون في الوقت ذاته من الاستخدام المفرط لها، وآثاره السلبية على تركيبة الطفل النفسية والاجتماعية والتربويه وصولا لتسببه بأمراض نفسية وحتى عضوية.

وفي الختام أنصح كل من الأباء والأمهات بمنع الأطفال دون سن العاشرة من استخدام هذه الأجهزة بل المنع التام هو الأفضل وإشغالهم بما هو مفيد لهم من ألعاب رياضية و رسمٍ وقراءة ، إلا أنه يمكن تحديد ساعة في اليوم لمن هم فوق السابعة كحد أقصى للعب بها بإشراف من الوالدين.

و أرجو من كل أب و أم استأمنهم الله على هذه الأرواح البريئة أن يتقيَ الله فيهم وأن يحرص عليهم فإنهم مسؤولون أمام الله عنهم يقول عليه الصلاة والسلام ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
                                                                                            _______________________
                                                                                               الكاتب :ساير هليل المضياني 
                                                                                                     كاتب صحيفة تغطيات
                                                                                               عضو المجلس البلدي بالجبيل

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

  1. كلام في الصميم.
    للأسف غالبية مجتمعاتنا استخدمت هذه التقنيه بشكل سلبي خصوصا تجاه الأطفال مع انعدام الرقابه من قبل والديهم

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى