المقالات

الشغب في الملاعب مسؤولية من ؟

إن المتتبع للمشهد الرياضي في السعودية و ملاعبنا الرياضية خصوصا و ما وصلت له في الآونة الأخيرة من حالة تشنج غريبة بين المتابعين للرياضة ( الجماهير) لم نعهدها في مجتمعنا السعودي من قبل بهذه الصورة و إن وجدت من قبل فكانت حالات فردية لا تمثل شريحة كبيرة من المجتمع .

إلا أن الأحداث التي شاهدناها في مباراة الهلال و الإتحاد الأخيرة و ما تلاها من شغب على سبيل المثال لا الحصر و غيرها من مظاهر العبث و الشغب في ملاعبنا مؤخراً كشفت القناع عن الوجه القبيح للتعصب الرياضي، حيث صدمنا بما حدث من حالات شغب نتج عنها إصابات بين المشجعين تم نقل بعضها للمستشفيات و هذا ما لم نكن نراه في مدرَّجاتنا سابقاً .

و هذا ما يجعلنا نتساءل عن المتسبب الحقيقي و المسؤول عن تأجيج التعصب الرياضي بين المتابعين للرياضة ، و من خلال متابعتنا للمشهد الرياضي نجد أن من الأسباب التي كانت وراء التعصب الرياضي هي الصحافة ومابها من عناوين وكتاب رياضين وكاريكترات ،و رؤساء الأندية وأعضاء الشرف والاداريين ، و كذلك المنتديات الرياضية الخاصة بالأندية ، و رابطة المشجعين بالأندية ،إلا أن أكثرها أهمية و تأثيراً هو الإعلام الرياضي بجميع أنواعه سواء البرامج التلفزيونية أو الصحافة  و ما تقدمة من مادة دسمة تغذي التعصب بكل أشكاله لدى المتابعين للوسط الرياضي ، حيث شكلت بعض وسائل الاعلام بيئة حاضنة لجينات التعصب الذي أفرزه احتقان الشارع ليقف الإعلام الرياضي في قفص الاتهام في مواجهة قضية تأجيج روح التعصب بحثاً عن الاثارة والانتشار من خلال زيادة عدد المتابعين ولفت الأنظار . 

لذلك أصبحت صحافتنا و قنواتنا التلفزيونية اليوم تصب الزيت على النار من خلال استضافة من يَتَسَمَّون بمحللين و نقاد رياضيين و هم لا يملكون أي مؤهلات تسمح لهم بممارسة التحليل و النقد الرياضي ، حيث يطلقون التصريحات غير المسؤولة و التي تشعل نار التعصب والخروج عن قواعد الخطاب الإعلامي الرصين، والبعد عن دائرة الموضوعية والأهداف السامية للتنافس الشريف و الروح الرياضية و هو ما يشكل انحرافا إعلاميا عن المسار السليم وسقوطا مدويا في فخ انهيار القيم الأخلاقية والمهنية للرسالة الاعلامية.

قام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مؤخراً بدراسة حول واقع ظاهرة التعصب الرياضي داخل المجتمع السعودي، حيث أكددت هذه الدراسة أن وسائل الإعلام والإعلاميين وجماهير الأندية لهم دور كبير في إثارة التعصب الرياضي بين مشجعي الفرق الرياضية السعودية ، ويرى نحو 26% من مجتمع الدراسة أن من مسببات مشكلة التعصب الرياضي هو استضافة الإعلاميين في البرامج الرياضية بكثرة للإساءة إلى الأندية التي يشجعونها .

و هذا يتطلب منا وقفه صادقة لإيجاد حل للقضاء على هذه الظاهرة و وأدها في بداياتها ، فالشغب الرياضي ظاهرة لم تكن موجودة في ملاعبنا و لا توجد لها جذور في مجتمعنا ، إلا أن التعصب الرياضي و الذي وصل أوجِّه في هذه الفترة و الذي يتم تغذية شبابنا به كل يوم من خلال قنوات تجارية تهدف إلى الربحية كان هو السبب الحقيقي لإفراز الشغب الرياضي في ملاعبنا .

إلا إن صدور القرارات التنظيمية التي أذيعت مؤخراً ، و التي تستهدف الحد من ظاهرة التعصب الرياضي وترويجه في وسائل الإعلام قد تكون طوق النجاة لحماية شبابنا و مجتمعنا من السلوكيات المنحرفة و العنف و الشغب و التعصب الرياضي.

إلا إنه بالإضافة لهذه التنظيمات نحن بحاجة لتفعيل دور وزارة التعليم عن طريق المدرسة من خلال التوعية و نشر روح التنافس الشريف و غرسها عند النشئ ، و كذلك وزارة الثقافة و الاعلام يجب أن يكون لها دور رقابي على وسائل الإعلام و ما تقدمه للمتابعين و معاقبة المتجاوزين ، وتفعيل دور رؤساء الأندية و اللاعبين أيضاً من خلال استضافتهم قبل المباريات المهمة و تنظيم لقاءات بين لاعبي ورؤساء الاندية لمحاربة التعصب و تعزيز روح المنافسة الشريفة ، و تطهير إعلامنا الرياضي ليمثل صوت الرياضة الوطنية الذي يعكس ملامحنا الأصيلة و قيمنا النبيلة ، ويسهم في الارتقاء بمستوى الوعي الرياضي والتثقيف الايجابي، ويعزز روح التنافس الشريف بين المتنافسين و المتابعين للرياضة .

_______________________   

 

الكاتب : ساير هليل المضياني
كاتب بصحيفة تغطيات
عضو المجلس البلدي بالجبيل

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى