اقتصاد

اقتصاديان سعوديان: 4 ملفات أساسية أمام محافظ الهيئة الجديد

عبد اللطيف العثمان

وضع اقتصاديان سعوديان أربعة ملفات أساسية أمام محافظ الهيئة العامة للاستثمار الجديد، كان في مقدمتها مطلب بإعادة صياغة نظام الاستثمار في المملكة، والاستمرار في تعزيز جاذبية الاستثمار الخارجي النوعي في المملكة، وتحدي “المدن الاقتصادية”، وترميم العلاقة مع المستثمر الوطني.

أمام هذه التحديات يقف عبد اللطيف بن أحمد العثمان القيادي الثامن في أكبر شركة نفطية في العالم (أرامكو)، بسنوات خبرته الممتدة على مدى 20 عاما في تخطيط وإدارة مشاريع النفط والغاز، والذي توجته القيادة أمس بتعيينه محافظا للهيئة العامة للاستثمار، في مرحلة هدف منها التصحيح.

العثمان تقلد أخيرا منصب النائب الأعلى لرئيس “أرامكو” للهندسة وإدارة المشاريع في 29 آب (أغسطس) 2011، وكان مدير مشروع دعم وزارة التحكم في مشروع تنظيم الإدارة، وكان أيضا مديرا لمراجعة العقود ومطابقة التكاليف في العلوم المالية وشغل منصب مدير تحليل الأعمال في التخطيط والتنظيم المؤسسي.

وتظهر من سيرة العثمان تدرجه في السلم الوظيفي كل عامين، الأمر الذي لا يعدو كونه يسير بخطى الواثق فيما يفعل.

وفي تعليق لـ”الاقتصادية” للدكتور راشد أبا نمي رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية، على تعيين العثمان محافظا للهيئة العامة للاستثمار، يعتقد أن الاختيار جاء بسبب العلاقة المتوطدة منذ زمن بين هيئة الاستثمار وأرامكو، وفي محاولة استقطاب الاستثمارات الغربية المالكة للتقنية ورأس المال، وخبرة “أرامكو” في أوروبا وأمريكا بحكم عملها توطدت العلاقات من خلال الزيارات”.

وعن الملفات الساخنة التي ستواجه محافظ الهيئة الجديد، أوضح أبا نمي، أن الملف الساخن الذي ينتظر العثمان في كيفية خلق نوع من الاستقرار وبث الطمأنينة لرأس المال الغربي، ليصل إلى أن الاستثمار في المملكة آمن في خضم الربيع العربي والمخاض الذي تمر به بعض الدول العربية، مع التهديدات الإيرانية، وانتقال دول الخليج إلى مرحلة الاتحاد. ووصف أبا نمي هذا الملف بـ”الخطير”، والذي لا بد أن يتعامل معه في هذا الوقت. وقال: “أعتقد أن هذا الملف هو الأساس مع وجود ملفات أخرى اعتبرها اعتيادية وتم التعامل معها سابقا كملفات التنازعات القضائية وأنظمة وزارة التجارة الإدارية”.

ولفت إلى أن هيئة الاستثمار سابقا مرت بظروف مع وجود ثغرة مستغلة من العمالة المتسترة في جذب عمالة أجنبية أخرى، موضحا ذلك بأنهم استخدموا هذا الاستثمار على أساس تكوينهم شركة ويحق لهم استقدام عمالة أجنبية ويمتلكون العقار باعتبارهم مستثمرين أجانب، ومن هنا استغلت من هذا المنطلق، بينما المستهدف ليس العمالة المتستر عليها في المملكة، إنما المستهدف من يمتلك التقنية ورأس المال.

وكانت بداية العثمان العملية عندما تخرج في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عام 1979 وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية، كما حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من معهد ماساشيوستس للتقنية (MIT) في صورة شهادة زمالة مؤسسة سلون في عام 1998.

والتحق عبد اللطيف العثمان بالعمل في شركة أرامكو في مارس 1981 كمهندس في إدارة الهندسة والمشاريع. وخلال فترة الثمانينيات، عمل مهندسا في المرحلة الثانية من مشروع تجميع الغاز، ومشروع تحديث معمل التكرير في رأس تنورة، ومشروع مصفاة القصيم، ومشاريع الفرض في رأس تنورة.

وفي عام 1990، رقي العثمان إلى وظيفة مهندس مشاريع أعلى في قسم إنجاز مشروع المرجان، ثم عمل في إدارة المشاريع حتى عام 1994.

وخلال الفترة من عام 1994 إلى عام 1999 عمل في مهام مساندة الموظفين في الهندسة وإدارة المشاريع، بما في ذلك برنامج إدارة الجودة الشاملة. وتولى أيضاً منصب مدير تخطيط الموارد ومدير مشاريع منطقة الأعمال الجنوبية في الوكالة.

وفي الفترة من شباط (فبراير) 1999 إلى شباط (فبراير) 2001، عمل مديراً لإدارة مراقبة المقاولات ومطابقة التكاليف في القطاع المالي، كما عمل مديراً لإدارة تحليل الأعمال ومديراً لإدارة التخطيط بعيد المدى في دائرة التخطيط العام.

وفي شباط (فبراير) 2001، عمل العثمان مديراً لإدارة مبيعات وتسويق الزيت الخام، وفي شهر حزيران (يونيو) 2001، عُيِّن في منصب المدير التنفيذي لشؤون “أرامكو” السعودية، ثم نائباً للرئيس لشؤون “أرامكو” السعودية في أيلول (سبتمبر) 2001. وفي عام 2003، تم تعيينه نائباً للرئيس للمالية، ثم نائبا أعلى للرئيس للمالية عام 2005. كما شغل العثمان منصب رئيس فرع الخليج العربي من معهد إدارة المشاريع، كما شغل عضوية الجمعية الدولية لاقتصادات الطاقة.

من جانبه، يعتقد الدكتور عبد الرحمن السلطان، اقتصادي سعودي، أن هناك ملفات ساخنة تنظر المهندس محافظ هيئة الاستثمار الجديد، مشيرا إلى المرحلة الماضية لأداء الهيئة والمبادرات التي وصفها بأنها لم تكن “ناجحة”، فيما يتعلق بتشجيع الاستثمارات الأجنبية لم تكن موفقة في تطبيق نظام الاستثمار في المملكة، وأصبحت معظم الاستثمارات التي تم استقطابها بجهود الهيئة هي في الغالب عمالة متستر عليها تحولت إلى عمالة أجنبية مستثمرة، ولم تكن إضافة حقيقية للمملكة، ولم تنقل التقنية ولا رأس المال الأجنبي، ولا موظفة للعمالة المواطنة، بل أتاح لهم نظام الاستثمار استقطاب مزيد من العمالة الأجنبية، وأصبحت منافسا قويا للمواطن في المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وقال: “هناك مشكلة كبيرة في نظام الاستثمار الأجنبي في الهيئة، ولا بد من إعادة النظر فيه لضمان أن تكون فيه إضافة مفيدة للاقتصاد الوطني”.

وأبرز السلطان ملف مشاريع المدن الاقتصادية، واصفا إياها بالمشكلة الكبيرة، وفرصة نجاحها محدودة جدا، مشيرا إلى أن نموذج الأعمال الذي طبق في هذه المدن غير قابل لأن ينجح، في الوقت الذي قدمت فيه الدولة قرضا حسنا لمدينة رابغ الاقتصادية مبلغ خمسة مليارات ريال ولم يكن كافيا لإنجاح المشروع، لذلك نحتاج إلى إعادة صياغة نموذج الأعمال الخاص بالمدن الاقتصادية لأنه غير فعال ومناسب.

وأضاف: المدن الاقتصادية الحالية لا تستطيع منافسة المدن الصناعية داخل المملكة مثل الجبيل وينبع، والقدرة على استقطاب المدن الاقتصادية لمستثمرين محدودة جدا، وقد تكون معدومة إلا في وجود نموج أعمال قابل للتطبيق بأفكار تسهم في تحقيق تنمية متوازنة وتقلل الضغط على مناطق التجمعات السكانية في الرياض وجدة والدمام”. وقال: إذا استطاع المحافظ الجديد أن يحقق تقدما في هذا الجانب سيكون قد خطا خطوة نحو تصحيح الاستثمار”.

ولم يتفق السلطان مع ما ذهب إليه أبا نمي، بأن تحدي جذب الاستثمار الأجنبي للمملكة هو الملف الأساسي للمحافظ الجديد، بل اعتبر السلطان أن المملكة ليست في حاجة إلى استقطاب رأس المال الأجنبي كحاجة إلى تمويل المشروعات، مؤكدا أن لديها السيولة والدليل على ذلك أن المملكة من أولى الدول المصدرة لرأس المال. وقال: “جذب الاستثمار الأجنبي ليس حيويا أو ضروريا، بل نحتاج إلى انتقاء نوعي وللاستثمار تقنية عالية وأساليب إنتاج حديثة يساعد على نقل التقنية إلى المملكة وموفرة لسوق العمل للمواطنين”.

المصدر ..

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى