المقالات

أسرار شركة ناجحة

تزخر قصص التجارب الناجحة والفاشلة للشركات بفوائد جمة ودروس ثمينة لمن يسيرها، وتقدم أمثلة واقعية تغني عن الكثير من التنظير وتختصر الطريق لتحقيق الأهداف والخطط الاستراتيجية بأقل قدر من المعاناة والمغامرة.

وفي قصة النجاح الذي حققته خطوط طيران “دلتا” الأمريكية إثبات جديد على أن العنصر الأول والأهم والمشترك في أي نجاح هو الموظف وأن الاهتمام بالموارد البشرية لا يعدله شيء آخر، فشركة خطوط طيران دلتا من الشركات الأمريكية القليلة التي استطاعت أن تعيد تنظيم نفسها دون أن يؤثر ذلك على أدائها المالي، وكان نتيجة اهتمام الشركة الكبير بموظفيها وتقديرها لهم أن آخر إضراب لعمالها كان عام 1942م أي قبل 65 عاماً كما أن آخر تصويت لاتحاد العمال فيها كان عام 1955م حتى قال عنها رئيس اتحاد عمال النقل في أمريكا: “” إن لها علاقة مع عمالها لا يستطيع أحد أن يكسرها أو يتدخل فيها “”، ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن الشركة تعتبر نفسها شركة للعاملين وترفع شعار ” الشعور العائلي في دلتا ” ليس هذا فحسب ولكن الشركة تشغل الوظائف العليا بترقية العاملين في الشركة وتدفع رواتب أعلى من معظم شركات الطيران كما تتجنب فصل العمال بالرغم من موجات الكساد التي تتعرض لها صناعة الطيران

( وفق تقارير 1999م )، وللمحافظة على بيئة عملها المتميزة يتم اختيار المتقدمين للوظائف وفق آلية دقيقه، فالمضيفات على سبيل المثال يتم مقابلتهن مرتين ثم يرسلن إلى الطبيب النفسي للشركة لاختبار قدرتهن على التعاون والعمل كفريق واحد!!.

ومن عوامل نجاح طيران دلتا سياسة الباب المفتوح حيث يقول أحد رؤسائها السابقين: “” لابد من تنظيف سجادة مكتبي مرة على الأقل كل شهر والسبب أن الميكانيكي والطيار والعامل في الطائرة كلهم يدخلون مكتبي متى ما كان لديهم شيء يقولونه لي وأنا أعطيهم الوقت الكافي لذلك فهم لا يحتاجون للمرور على أي شخص قبل رؤيتي “”.

وتنفق الشركة الوقت والمال للتأكد مما يورده الموظف والذي غالباً ما يؤدي إلى إصلاح الأنظمة والإجراءات فيبعث الارتياح والتقدير لدى الموظفين.

 في أحد الأيام وجد عامل أن شيك الراتب جاء ناقصاً 38 دولار وهو المبلغ الذي يستحقه جراء العمل الإضافي الذي قام في أحدى الليالي حتى الثانية صباحاً وذلك لصيانة محرك لأحدى الطائرات، ولما لم يستطع رئيسه المباشر حل المشكلة توجه العامل إلى رئيس الشركة لينقل شكواه ويعبر له عن استياء الكثير من زملاءه المتميزين من هذا الأمر، وبعد ثلاثة أيام فقط أرسل المبلغ مع اعتذار حار للموظف، وأكثر من ذلك أن غيرت الشركة سياسة الأجور ورفعت أجور الفنيين الذين يعملون خارج ساعات العمل الرسمية!!.

تقوم الشركة كذلك بتدريب جميع مساعدي الرئيس، بحيث يستطيع أي منهم القيام بعمل الآخر ومعرفة اختصاصاته ليحل محله في أي وقت، كما أن المساعدين وأعضاء الإدارة العليا ينزلون إلى المحطات في أوقات العطل والأعياد والزحام لمساعدة المسئولين عن الركاب، وتلتقي الإدارة العليا بالعاملين مرة واحدة على الأقل سنوياً في مؤتمر مفتوح يتحدث فيه أصغر موظف مع أي مسئول، ولا يكتفي أعضاء الإدارة العليا بذلك لكنهم يمضون أربعة أيام كاملة كل سنة في حديث مفتوح مع أطقم الخدمة في الطائرات، فيما يمضي مساعدو رئيس الشركة حوالي 100 يوم في السنة في السفر على متن رحلات في أوقات متفرقة للتأكد من حسن سير الأمور، وفي بداية كل أسبوع يجتمع الرئيس مع مساعديه لمناقشة أعمال الشركة وخططها وفي فترة الغداء من نفس اليوم يجتمع المساعدون مع المديرين والمشرفين لإبلاغهم بالجديد

( خير الكلام ما قل ودل ) وهكذا تنتقل الأخبار إلى موظفي الشركة، كما تقوم الشركة باستشارة لجنة من العاملين حول الأمور التي تهمهم سواء كان ذلك اختيار نوع ولون البدل التي سيرتدونها، أما تعيين مشرف جديد فيتم بعد استشارة الموظفين الذين سيرأسهم.

……………………………………………

سعد الدوسري

‫⁦‪@ssaldosari

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى