
تغطيات – يزيد بن سراء :
أصبح انتهاك الخصوصية عبر كاميرات الهواتف ظاهرة مقلقة في مجتمعاتنا، حيث لم تعد العدسات مجرد أداة لتوثيق اللحظات السعيدة، بل تحولت في أيدي البعض إلى وسيلة للتطفل واصطياد خصوصيات الآخرين في الأماكن العامة والمناسبات العائلية دون استئذان.
هذا التجاوز، الذي يمكن وصفه بـ “التطفل الرقمي”، لم يعد تصرفاً فردياً معزولاً، بل بات سلوكاً اجتماعياً يثير استياءً واسعاً، ويهدد الشعور بالأمان في أبسط التجمعات اليومية.
عندما تتحول العدسة إلى سلاح ضد الخصوصية
في زمن الهواتف الذكية، أصبحت المجالس العفوية واللقاءات البسيطة مسرحاً لعدسات لا تعرف التردد، تسجل وتنشر وكأنها تمارس هواية الصيد لا التوثيق. إن هذا السلوك لا يمثل مجرد إزعاج عابر، بل يمثل انتهاك الخصوصية عبر كاميرات الهواتف تهديداً مباشراً للروابط الاجتماعية المبنية على الثقة والاحترام المتبادل.
مشاهير وشخصيات عامة: ضحايا التصوير دون إذن
لم يسلم من هذه الظاهرة حتى الأسماء المعروفة، فقد عبّر الكابتن ماجد عبدالله، أحد أبرز نجوم الكرة السعودية، عن استيائه الشديد في مقطع فيديو بعد أن تفاجأ بشخص يصوره وينشر تفاصيل حديث دار بينهما، معتقداً أنه كان حواراً عفوياً و خاصاً.
توضح هذه الحادثة وغيرها أن المشكلة أعمق من مجرد تصوير عابر، بل هي أزمة أخلاقية وقانونية تتطلب وعياً وحزماً في التعامل معها.
ما هي حدود الخصوصية في العصر الرقمي؟
يخلط الكثيرون بين الفضاء العام وحق تصوير كل ما فيه. فوجودك في مكان عام لا يعني أبداً أنك أصبحت مشاعاً للتوثيق والنشر دون موافقتك الصريحة، خصوصاً إذا كان التصوير يركز عليك بشكل مباشر أو يسجل حواراتك الخاصة.
4 خطوات لحماية نفسك من العدسات المتطفلة
في مواجهة هذا السلوك، لا بد من اتخاذ خطوات عملية لحماية مساحتك الشخصية. إليك بعض النصائح الهامة:
- التعبير عن الرفض بوضوح: إذا لاحظت أن أحدهم يصورك دون إذن، لا تتردد في التعبير عن رفضك بشكل مباشر ومهذب. حقك في الخصوصية مكفول.
- الوعي بالبيئة المحيطة: كن أكثر انتباهاً لمن حولك في الأماكن المزدحمة، وحاول تجنب الدخول في حوارات حساسة أو شخصية في أماكن قد تكون عرضة للتصوير.
- معرفة حقوقك القانونية: التصوير والنشر دون إذن يعد جريمة معلوماتية في العديد من الدول، ويعرّض مرتكبها للمساءلة القانونية. معرفتك بهذه القوانين تمنحك قوة.
- نشر ثقافة الاستئذان: كن قدوة في محيطك، واحرص دائماً على طلب الإذن قبل تصوير أي شخص، وشجع الآخرين على تبني هذا السلوك المحترم.
إن الحفاظ على خصوصية الآخرين ليس مجرد خيار، بل هو مسؤولية أخلاقية وقانونية تقع على عاتق كل فرد في المجتمع لضمان بيئة رقمية آمنة ومحترمة للجميع.