رياضة

الأكاديميات الرياضية في الأحياء.. استثمار لمواهب الصغار في الإجازة الصيفية

تغطيات – مبارك البويت:
مع بداية كل إجازة صيفية، تحتار الكثير من الأسر في كيفية استثمار وقت أبنائها بما يعود عليهم بالنفع جسديًا ونفسيًا، ويغذي مهاراتهم ويطورها. وفي الوقت الذي تكثر فيه الأنشطة الترفيهية والرحلات، برزت الأكاديميات الرياضية داخل الأحياء السكنية كحل مثالي وفعّال لاستثمار وقت الطلاب، وتحديدًا في سن مبكرة تبدأ من السابعة وما فوق، حيث تتشكل المواهب وتبدأ البذور الأولى للإبداع في الظهور.

ومع تزايد وعي المجتمع بأهمية الرياضة، وبالأخص كرة القدم، بدأت الأكاديميات تتوسع، وتأخذ طابعًا احترافيًا يقترب من بيئة الأندية، مع التركيز على التأسيس الصحيح، وبناء المهارات، واكتشاف الموهوبين في مراحل مبكرة.

في هذا التقرير نسلّط الضوء على أهمية الأكاديميات الرياضية الواقعة داخل الأحياء، وندرس أثرها على الطلاب، ودورها في صناعة جيل رياضي واعد، كما نطرح رؤى وتجارب ميدانية من داخل إحدى هذه الأكاديميات في الدمام

ملاعب الحي.. مساحات لبناء جيل صحي وموهوب
لطالما كانت الرياضة أحد أعمدة التنمية المجتمعية، ليس فقط من باب الترفيه أو الترويح عن النفس، بل كوسيلة فعّالة لغرس القيم، وتعزيز الانضباط، وتقوية الأجسام، وصقل المهارات. وفي عصر تتزايد فيه الملهيات التقنية وتقل فيه الحركة البدنية بين الأطفال، أصبحت الأكاديميات الرياضية داخل الأحياء ضرورة وليست ترفًا.

يقول الكابتن فهد الدوسري، المشرف العام على الأكاديمية:

“نحن نعيش في وقت أصبح فيه الطفل عرضة للجلوس لساعات طويلة خلف الشاشات. نحن في الأكاديمية نحاول أن نخلق توازنًا، من خلال برامج تدريبية جذابة ومكثفة خلال الإجازة الصيفية، تبدأ من سن السابعة، تركز على تأسيس اللاعب بدنيًا وتكتيكيًا ونفسيًا، وفي ذات الوقت نحافظ على جو ممتع وآمن يشعر فيه الطفل وكأنه بين أسرته.”

ويتابع الدوسري:

“الهدف ليس فقط تعليم كرة القدم، بل بناء شخصية قيادية منضبطة، تعي معنى الالتزام والعمل الجماعي واحترام الآخرين. نؤمن أن كل طفل لديه موهبة، ودورنا هو اكتشافها ورعايتها.”

الإجازة الصيفية.. فرصة ذهبية لاكتشاف المواهب
تُعد الإجازة الصيفية الوقت المثالي لتكثيف البرامج الرياضية، حيث يتفرغ الطالب للتدريب والتعلم دون ضغط الدراسة والواجبات. الأكاديميات الرياضية تستغل هذه الفترة لتقديم برامج تدريبية متنوعة تشمل:

التمارين اللياقية

التأسيس الفني والتكتيكي

مسابقات واختبارات مهارية

مباريات ودّية واكتشاف مستويات

برامج دعم نفسي وتربوي

ويؤكد الكابتن عبدالله البيشي، مدرب فريق البراعم :

“في كل صيف، نُفاجأ بعدد كبير من الأطفال الذين يملكون مهارات ملفتة، لكنهم لم يحصلوا على التوجيه أو الفرصة المناسبة. الأكاديمية تمنحهم البيئة الآمنة والمناسبة لتفريغ طاقاتهم، وتعزيز مهاراتهم، ومع الوقت نبدأ بترشيح المميزين منهم للتواصل مع أندية رسمية في المنطقة.”

ويضيف البيشي:

“الطالب الموهوب في هذا العمر بحاجة لمن يفهم نفسيته، يشجعه دون ضغط، يطوّر أداءه دون أن يفقده حماسه، وهذا ما نحرص عليه في كل تمرين.”

الرياضة.. بوابة لبناء القيم قبل البطولات
ليست الرياضة وسيلة للبطولات فقط، بل هي مدرسة حقيقية تغرس القيم في نفوس الأطفال، وتُعزز من انتمائهم للمجتمع. في الأكاديميات المحلية، يتعلم الطفل معنى:

التعاون والعمل الجماعي

الصبر والانضباط

احترام الوقت والقوانين

التعامل مع الفوز والخسارة بروح رياضية

احترام المدرب والخصم والزملاء

هذه القيم تتكامل مع التعليم الأكاديمي، وتبني جيلاً متوازنًا وقويًا بدنيًا ونفسيًا.

دور الأسرة والداعمين.. عناصر أساسية للنجاح
لا يقتصر نجاح الأكاديميات الرياضية على الجهد الفني والتدريبي فقط، بل تحتاج إلى دعم من المجتمع، وخاصة من الأسر والتجار والشركات المانحة.

ويضيف:

ارتفاع الوعي الصحي لدى الأسر

بحث الأهالي عن بدائل مفيدة للهواتف والألعاب الإلكترونية

وجود كوادر تدريبية مؤهلة ومرافق مجهزة

وفي هذا السياق، تؤدي أكاديمية أجيال دورًا محوريًا في استقطاب الطلاب من سن مبكرة، وتطوير مهاراتهم، وفتح قنوات تواصل مع الأندية الرياضية في المنطقة الشرقية وخارجها.

الطموح لا يتوقف.. نحو أندية رسمية ومدارس موهوبين رياضيين
الخطوة التالية التي يطمح لها المشرفون على الأكاديميات هي ربط الأكاديميات الرياضية المحلية بالأندية الرسمية والمدارس الرياضية المتخصصة، لخلق جسر انتقال سلس للموهوبين، وضمان استمرارية تطويرهم.

ولي أمر يختم حديثه قائلاً:

“حلمنا أن نشوف أحد أبنائنا، اللي بدأوا معنا من الحي، يمثل منتخب المملكة أو يلعب في أحد أنديتها الكبرى. وهذا مو حلم بعيد، إحنا بدأنا نرسم ملامحه فعلاً، لكن نحتاج دعم وتعاون وتكامل من كل الأطراف.”

خاتمة: الأكاديميات في الأحياء.. مستقبل رياضي ينبض بالحياة
في النهاية، فإن الأكاديميات الرياضية داخل الأحياء لم تعد مجرد ملاعب تدريب، بل أصبحت ورش عمل لصناعة الأبطال، ومساحات لصقل الطاقات وتوجيهها، ومنصات لغرس القيم النبيلة في نفوس الصغار. ولعل ما تقدمه أكاديمية أجيال من تجربة واقعية يؤكد أن المستقبل الرياضي يبدأ من داخل الحي، من طفل صغير يُمسك بالكرة لأول مرة، ويجد من يحتضن حلمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى