
في عصر التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتنامية، لم تعد المسؤولية الاجتماعية نشاطًا مهملاً أو هامشيًا تقوم به المؤسسات، بل أصبحت خيارًا استراتيجيًا يعكس وعي المؤسسة بدورها تجاه الإنسان والمجتمع والوطن، كما أنها مؤشر على نضج المؤسسة واستدامة تأثيرها وصدق انخراطها.
ما هي المسؤولية الاجتماعية؟
هي التزام تطوعي ومستدام من المؤسسة تجاه المجتمع، يتجلى من خلال مبادرات تنموية وبيئية وإنسانية، تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية الشاملة، بما يتماشى مع القيم الوطنية والرؤى الاستراتيجية المستقبلية، مثل رؤية السعودية 2030.
المسؤولية الاجتماعية تتجاوز مجرد تقديم المساعدات، بل هي تتعلق بكيفية إدارة الأعمال بوعي أخلاقي، وكيفية استخدام الموارد والعلاقات والمعرفة لخدمة المجتمع.
كيف تحقق القطاعات الثلاثة ذلك؟
القطاع الحكومي
من خلال دمج البعد الاجتماعي في السياسات، وإعادة توجيه الدعم نحو مبادرات التنمية وتمكين الشراكات.
القطاع الخاص
من خلال الالتزام بدوره الاجتماعي واستثمار جزء من أرباحه أو موارده البشرية والتكنولوجية في خدمة المجتمع.
القطاع غير الربحي
التكامل من خلال المبادرات الميدانية والخدمات المباشرة والتنسيق بين جميع الأطراف
في ظل الأزمة الاقتصادية: ماذا نفعل؟
الأزمة المالية ليست سبباً لمقاطعة العمل المجتمعي، بل فرصة لإعادة التفكير في الوسائل التي يمكن من خلالها للمؤسسات السعي لتحقيق النقاط التالية:
1- الاعتماد على الشراكات لخفض التكاليف وتقاسم الموارد.
2- الاستخدام الفعال للموارد المتاحة دون توسع مالي.
3- الاستفادة من التحول الرقمي لخفض التكاليف وتوسيع الأثر.
4- تفعيل العمل التطوعي، وهو من أهم الأدوات لتخفيف العبء المالي مع الحفاظ على جودة الخدمات.
وهذا يوصلنا إلى محور مهم جدًا وهو محور العمل التطوعي
أهمية العمل التطوعي في المسؤولية الاجتماعية
يُعد العمل التطوعي ركيزة أساسية من ركائز المسؤولية الاجتماعية وذلك للأسباب التالية والتي يمكن استخدامها كنقاط لقياس أثر العمل التطوعي على تطبيق المسؤولية الاجتماعية وهي:
1- تعزيز الانتماء المجتمعي.
2- توسيع نطاق التأثير من خلال تنوع الجهود البشرية.
3- إيجاد تفاعل مباشر بين المؤسسة والمجتمع.
4- توفير الفرص للشباب لخدمة الوطن.
وأخيرًا نكون قد لخصنا عشرة نقاط يمكن أن تساعدك على تطبيق المسؤولية الاجتماعية في مؤسستك.
عشرة نقاط لتفعيل المسؤولية الاجتماعية في مؤسستك.
1- يجب عليك تبني رؤية واضحة للمسؤولية الاجتماعية مستمدة من قيم المؤسسة.
2- تشكيل لجنة أو فريق داخلي مخصص لإدارتها وتطويرها.
3- ربطها بأهداف استراتيجية قابلة للقياس والتوسع.
٤. بناء شراكات فعّالة مع الجهات الأخرى لتحقيق تضافر الجهود.
٥. الاستثمار في العمل التطوعي واستقطاب المتطوعين داخل المؤسسة وخارجها.
٦. تحديد أولويات المجتمع والتفاعل معه ميدانيًا.
٧. إطلاق مشاريع رقمية ومبادرات ذكية لتوسيع نطاق التأثير بأقل تكلفة.
٨. توثيق الأثر وقصص النجاح ومشاركتها لتشجيع المجتمع.
٩. بناء ثقافة داخلية داعمة من خلال المناصرة والتدريب المستمرين.
١٠. جعلها مستدامة، وليست موسمية، وضمن ميزانية سنوية محددة.
لذا، فإن المسؤولية الاجتماعية ليست عبئًا إضافيًا، بل استثمار استراتيجي في المواهب، ووسيلة لبناء الثقة، ووسيلة لبناء مستقبل أكثر توازنًا وإنسانية.
الكاتب: فيصل بن مقبل المسند