المقالات

مرحبا بش!!..

يستعيد المرء في لحظة ما ذكريات حياته، ويعيد شريط الصحبة والأشخاص المواقف، فينظر إلى السماء سارحًا بخياله، تتداخل معها مشاعر مختلطة مقولبة بالحنين. وهذا ما حدث معي!. وفي وسط مزاحمة الذكريات لمعَتْ ذكرى لإحدى الصديقات في المرحلة الدراسة لا أنسى كيف كانت لبقة في كلامها ومُثقفة. كنتُ أتعجب كثيرًا في طرقة تحدثها وخاصة في لهجتها فهي مختلفة تمامًا عن طريقة حديثي. أذكرُ عندما أخبرتها أنني أنوي الغياب غدًا لعدم استعدادي للمذاكرة، وكان ردُّها: (عليش الله ما تغيبين بكره! نسيتِ أن عندش اختبار؟! والله ما تعيد لش الامتحان أنش لترسبين!!).
نفضتُ ذكرياتها ونهضتُ أبحث عن تلك اللهجة التي طالما أثارت فضولي، وفي رأسي الاف الأسئلة تدور حولها: هل هي فصيحة؟ هل اختلافها بسبب دخيل عليها؟ من هم أصحابها؟….الخ، وبعد طول قراءة وبحث فإذا بها فصيحة وقديمة وتسمى الكشكشة وتحدث عنها سيبويه في الكتاب قائلًا:” إنما يلحقون السين والشين في التأنيث، لأنهم جعلوا تركهما بيان التذكير”، فهم يفرقون بين المذكر والمؤنث بالكاف والشين، فترك الكلام على حاله هو خطاب للمذكر وأما إبدال الكاف شينًا فهو خطاب للمؤنث. ويقول ابن جني في كتابه (سر صناعة الإعراب): من العرب من يبدل كاف المؤنث في الوقف شينا، حرصا على البيان لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تختفي في الوقف، فاحتاطوا للبيان بإنْ أبدلوها شينًا، فقالوا: عليش ومنش، ومررت بش”. ووردت في القراءات الشاذة في قوله تعالى: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}، فقالوا: (قد جعل ربش تحتش سريا)، واستعملها المجنون (قيس بن الملوح):
فعيناش عيناها وجيدش جيدها سوى أن عظم الساق منش دقيق
فالشاعر يصور محبوبته في صورة ظبية جميلة، إلا أن محبوبته تفوق الظبية في دقة عظام الساق.
والشاهد في البيت: “عيناش، جيدش، منش” فقد قلب الكاف شينًا، والأصل “عيناك، جيدك، منك”.
وعن أصول هذه اللهجة فهي تعود إلى القطيف وأهل البحرين وبعض قبائل اليمن وبعض القبائل في جنوب المملكة العربية السعودية.
وختامًا:
ألا يا مرحـبـــــا بِـشْ وبَهْلِـشْ وبِالجملْ إلِي رَحَـلْ بشْ

………………………………………………………..

بقلم/ هاجر آل قاسم

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
ksa