المقالات

مثلث النجاح في المنظومة التعليمية..

انقضت الإجازة الصيفية بيسر وسهولة وها نحن على أعتاب عام دراسي جديد مليء بالجد والعطاء والإنتاج ولا يخفى على الجميع أهمية التعليم لأي أمة للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة ولم تبخل وزارة التعليم بالنهوض بالعملية التعليمية وتطوير الكوادر التعليمية ووضع البرامج التي تحقق رؤية المملكة وتدعم خطة التحول الوطني ، يأتي بالمقابل دور الأسرة والمدرسة والطلاب أنفسهم ، فحتى نحقق الأهداف المرجوة لا بد من التكامل بين جميع الأطراف؛ فالأسرة يتوجب عليها غرس الصورة الذهنية الإيجابية عن أنفسهم أو عن مستقبلهم ، ولا يخفى علينا تأثير التوقعات على الطلاب فمقدار ما يتعلمه ويستوعبه الطلاب يتوقف على توقعات من حوله خصوصا الأسرة ولنا خير مثال لذلك رؤية أم محمد الفاتح وقولها له وهو ابن السابعة: ((تلك القسطنطينية وإنك إن شاء الله فاتحها)).
ليس ذلك فحسب بل يتوجب على الأسرة غرس قيمة المواطنة الصالحة في أبنائها واستشعار نعمة الأمن والأمان واستشعار دور الحكومة الرشيدة في إتاحة التعليم المجاني وبرامج الابتعاث والجامعات والتعليم العام، مما ساهم في إعداد وتخريج كوادر وطنية يسهمون في خدمة هذا الوطن ،ولا يفوتنا أهمية دور الأسرة في توفير البيئة الدراسية المناسبة داخل البيت ، وعلى الوالدين تربية أبنائهما على تقدير المعلم واحترامه وعدم هتك ستار الهيبة والاحترام ، فإن إهانة المعلم إهانة للعلم والتعليم وإن رأى الوالدان ما يزعجهما من المعلم ما عليهما إلا التوجه إلى المدرسة ومقابلبالمعلم ومصارحته بما يجول فيه خاطرهما من ملاحظات ، والمعلمون صدورهم تتسع لملاحظات أو لا ياء الأمور ، فلا يمكن أن نعلو على الأمم وأخلاقنا مع من يعلمون أبناءنا لا تليق بهم ولا تنزلهم منازلهم اللائقة بهم ،
أين نحن من قصة هارون الرشيد الذي حكم نصف العالم و يطلب من الإمام العالم الأصمعي أن يؤدب له ولديه وأن يعلمهما ، ففي ذات يوم مر هارون الرشيد فرأى الأصمعي يغسل قدمه والذي يصب له الماء هو ابنه ، فطلب هارون الرشيد الأصمعي وقال له : إنما طلبناك حتى تعلم ولديّ وأن تؤدبهما وكان يجدر بك أن تأمر ولديّ أن يصب الماء بيد وأن يغسل قدمك باليد الأخرى.

ولتحرص كل أسرة على تعليم أبنائها قيمة الوفاء .. يقول الإمام أحمد بن حنبل :(ما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا استغفر للشافعي ، وأدعوا له )
هذه هي المواقف العظيمة والوفاء الحقيقي الذي يجب أن نعلمه لأبنائنا ، أما ما يخص المعلم فهو الباني الحقيقي للعقول ، ومنارة المستقبل ، فالمعلم الذي يتمتع بخصائص شخصية مرغوبة يكون أكثر قدرة على إحداث تغيرات في سلوك طلابه فالتربية بالقدوة لذلك يحرص المعلم المتميز على إحداث تغيير في طلابه وترك الأثر الجميل في نفوسهم ويحرص على بناء شباب هذا الوطن، يعلمهم كيف يقودون ويوجهون أنفسهم الوجهة الصحيحة ،ويحرص على تطوير قدراتهم والإلمام بكفايات مهارات القرن الواحد والعشرين في التعليم والإلمام بالطرائق الحديثة والتقنيات والإستراتيجيات المواكبة لهذا العصر في التعليم فمن لايتقدم يتقادم ، ليس ذلك فحسب بل إن دور المعلم أكبر ، ولعلي أشدد هنا على دوره ليس في طلابه فقط بل في ردم الفجوة بينه وبين الوزارة فلا نكاد نسمع بقرار جديد إلا وانطلقت رسائل الرفض والسخرية والعديد من الرسائل السلبية التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الحسابات التي تثير الفتنة وتزيد الفجوة إتساعاً ، فعلى المعلم العاقل إدراك دوره الحفيقي وعدم الانسياق خلف من يشعل فتيل الفتن في هذا الوطن ، فلا تحل القرارات بهذه الطريقة ولن تجدي نفعا .. إذاً التعقل مطلب ضروري ولنتعلم ثقافة الامتنان ..كن مؤتمنا على ما أتمنت عليه عزيزي المعلم وابتعد عن صف الناقمين السلبين المتذمرين الذين لايرضيهم شيئًا ولايهدأ لهم بالاً إلا بنشر الرسائل السلبية من حولهم .
إن الشخصية التربوية المتزنة والمحترمة للمعلم مطلب مهم لتحقيق أجلّ وأنبل رسالة والتي تتطلب من المعلم صبرًا، وأمانة، ونُصحًا، ورعاية لِمَن تحته، ولنا في رسول الله أسوة حسنة في استنباط صفات المعلم المؤثر واخيرًا يأتي دورك أيها الطالب
فأنت المحور الأساسي في العملية التعليمية وأنت الركيزة الهامة في التعليم فتُصدر القرارات وتُغير المناهج وتُعدل الأنظمة وتُوضع البرامج كلها من أجلك ومن أجل مستقبلك .. فاعلم أيها الطالب أنك حجر بناء هذا الوطن الغالي ، فابدأ عامك الدراسي برسم أهدافك في سماء التميز وخط عنوانك ( النجاح ) ، وتذكر قول ابن القيم رحمه الله : ” النجاح ليس كل شيء إنما الرغبة في النجاح هي كل شيء ”
وتذكر أن دعم الآخرين لك ومساندتهم في مسيرتك التعليمية مهم جدًا ولكن الدور الرئيسي يقع على عاتقك فأنت من يحدد نجاحه وفشله وأنت من تحقق طموحاتك أو العكس وتذكر ؛ بالعزيمة والإصرار والرغبة تحقق كل ماتريد يقول ابن القيم رحمه الله:
“لو أن رجلاً وقف أمام جبل، وعزم على إزالته لأزاله”

——————

بقلم/ فوزية دخيل بن طواله

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى