المقالات

مؤتمر الأطراف للتغير المناخي والجدل المستمر حول القاعدة 42

د. رائد بن سعدان ( أستاذ القانون البيئي بجامعة الأمير سلطان )

1- كيف يتم التصويت في مؤتمر الأطراف للمناخ لاعتماد القرارات ؟ وما هي القاعدة 42 التي يثور حولها الجدل ؟
الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ المادة 7 فقرة 2 (ك) نصت على أنه ” يمكن إنشاء نظام داخلي لمؤتمر الأطراف لكن يجب اعتماده بتوافق الآراء” والمادة 7 فقرة 3 نصت “يعتمد مؤتمر الأطراف ، في دورته الأولى ، نظامه الداخلي” بالحقيقة لم يتمكن مؤتمر الأطراف ، في دورته الأولى في برلين 1995 ، من اعتماد نظامه الداخلي بسبب الخلاف حول القاعدة 42 والتي تنص على (أن يبذل الأطراف قصارى جهدهم للتوصل إلى اتفاق حول جميع المسائل الجوهرية بتوافق الآراء لكن إذا استنفذت جميع الجهود للتوصل إلى توافق في الآراء ولم يتم التوصل إلى اتفاق ، يُتخذ القرار ، كملاذ أخير ، بأغلبية ثلثي أصوات الأطراف الحاضرة والمصوتة) هذه القاعدة لم يتم الاتفاق عليها من مؤتمر الأطراف الأول في برلين 1995 حتى مؤتمر الأطراف الأخير في شرم الشيخ 2022 لذلك بدل من اعتماده كنظام داخلي رسمي لمؤتمر الأطراف تم الاتفاق على تطبيق جميع مواده فقط كمشروع باستثناء القاعدة 42 بسبب عدم الاتفاق عليها.

2- ما المقصود بتوافق الآراء؟
لا يوجد تعريف واضح لتوافق الآراء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أو مشروع النظام الداخلي لمؤتمر الأطراف. لذلك جرى العمل على أن توافق الآراء لا يشترط أن تصوت جميع الأطراف لصالح القرار, فقط يكفي عدم وجود اعتراض على القرار من أي دولة . من خلال النظر في المادة 17 فقرة 1 من الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للتغير المناخي نجد أنها نصت على أنه يحق لمؤتمر الأطراف إنشاء بروتوكول تابع للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لكن الاتفاقية نفسها لم تنص على عدد الأصوات المطلوبة لإنشاء هذا البروتوكول, لذلك تم اعتماد بروتوكول كيوتو في مؤتمر الأطراف في دورته الثالثة بطريقة توافق الآراء حيث لم توجد معارضة على إنشاء بروتوكول كيوتو.

3- ما الحل في حال عدم وجود توافق في الآراء في مؤتمر الأطراف؟
إذا لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء في مؤتمر الأطراف ، فغالبًا ما تكون هناك حاجة إلى مزيد من المفاوضات. كحل أخير ،حيث يمكن لرئيس الجلسة إصدار قرار حول ما إذا كان قد تم التوصل إلى توافق في الآراء أو لا. على سبيل المثال ، قد يقرر الرئيس تجاهل اعتراض أحد الأطراف ويذكر أنه تم التوصل إلى توافق الآراء بشأن موضوع معين على الرغم من وجود اعتراض من أحد الأطراف , في هذه الحالة إذا تم الطعن في هذا القرار من قبل الأطراف المعترضة يتم اللجوء إلى التصويت حيث يظل قرار رئيس الجلسة ساريًا ما لم يتم نقضه بأغلبية الأطراف الحاضرة والمصوتة.

4- هل تعديل بنود اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ يتطلب توافق الآراء في مؤتمر الأطراف ؟
كقاعدة عامة ،القرارات في مؤتمر الأطراف للمناخ يتم اعتمادها بتوافق الآراء لكن إذا رغب الأطراف بتعديل بنود اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لا يشترط توافق الآراء والسبب كالآتي المادة 15 فقرة 3 نصت “تبذل الأطراف قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق بشأن أي تعديل مقترح للاتفاقية بتوافق الآراء. وإذا استنفذت جميع الجهود للتوصل إلى توافق في الآراء ، ولم يتم التوصل إلى اتفاق ، يُعتمد التعديل كملاذ أخير بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات الأطراف الحاضرة والمصوتة في الاجتماع “. هذا يعني أنه يجوز تعديل الاتفاقية بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات الأطراف الحاضرة في مؤتمر الأطراف وليس بتوافق الآراء لأن الاتفاقية نفسها نصت على ذلك. بمجرد اعتماد التعديل ، يجب أن يصادق عليه ثلاثة أرباع الأطراف لكي يدخل التعديل حيز التنفيذ وهذا مانصت عليه المادة 15 فقرة 4 من نفس الاتفاقية . “يبدأ نفاذ التعديل المعتمد وفقاً للفقرة 3 من المادة15 بالنسبة للأطراف التي قبلته في اليوم التسعين بعد تاريخ استلام الوديع لصك قبول من قبل ثلاثة أرباع الأطراف في الاتفاقية على الأقل”. حتى هذه اللحظة لم يتم اعتماد أي تعديل على نص اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ

5- السؤال العريض هل توافق الآراء متطلب حتى في الاتفاقيات البيئية الدولية الأخرى ؟
في الحقيقة توافق الآراء ليس مطلوباً دائماً لاعتماد قرارات مؤتمر الأطراف بموجب الاتفاقيات البيئية الدولية الأخرى حيث أن كل اتفاقية بيئية تختلف عن الأخرى وفقاً لبنودها وهنا بعض الأمثلة لتوضيح الصورة

أ-اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود.
تنص المادة 40 من النظام الداخلي لمؤتمر الأطراف في اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود أنه
” يجب على الأطراف بذل قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق. في جميع المسائل الجوهرية بتوافق الآراء. إذا استنفدت جميع الجهود للتوصل إلى توافق في الآراء ولم يتم التوصل إلى اتفاق ، يتخذ القرار ، كملاذ أخير ، بأغلبية ثلثي أصوات الأطراف الحاضرة والمصوتة ، ما لم تنص الاتفاقية على خلاف ذلك” معنى ذلك أن القرارات التي يتم اتخاذها في مؤتمر الأطراف التابع لاتفاقية بازل يكفي لاعتمادها أغلبية الثلثين حتى لو وجد معارضة من بعض الأطراف، يكفي فقط أغلبية الثلثين الحاضرة والمصوتة. وقد تم اعتماد هذه القواعد أيضًا في الاجتماع الأول للأطراف التابع لا تفاقيه بازل وهذا عكس مؤتمر الأطراف للمناخ حيث لم يتم اعتماد نظامه الداخلي حتى هذه اللحظة، فقط يتم تطبيقه كمشروع بسبب الخلاف على القاعدة 42

ب- بروتوكول مونتريال.
تنص المادة 40 من النظام الداخلي لاجتماعات الأطراف في بروتوكول مونتريال الذي يعالج المواد المستنفذة لطبقة الأوزون على ما يلي: “ما لم تنص [الاتفاقية] أو البروتوكول على خلاف ذلك ، تتخذ قرارات الاجتماع بشأن جميع المسائل الموضوعية بأغلبية الثلثين من الأطراف الحاضرة والمصوتة” معنى ذلك أن القرارات التي يتم اتخاذها في اجتماعات الأطراف في بروتوكول مونتريال يكفي لاعتمادها أغلبية الثلثين حتى لو وجد معارضة من بعض الأطراف يكفي فقط أغلبية الثلثين الحاضرة والمصوتة. اعتُمد النظام الداخلي لبروتوكول مونتريال في الاجتماع الأول للأطراف في بروتوكول مونتريال وهذا عكس مؤتمر الأطراف للمناخ حيث لم يتم اعتماد نظامه الداخلي حتى هذه اللحظة، فقط يتم تطبيقه كمشروع بسبب الخلاف على القاعدة 42

ج-اتفاقية التنوع البيولوجي.
يحدد النظام الداخلي لاتفاقية التنوع البيولوجي في القاعدة 40 أغلبية الثلثين للتصويت على القرارات . لكن فشل مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي في اعتماد قواعده رسميا ولم يتم الاتفاق على القاعدة 40 وبالتالي ، يلجأ مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي إلى اتخاذ القرارات بتوافق الآراء ما لم تنص الاتفاقية نفسها على خلاف ذلك . ، لذلك نجد أن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ فشل في اعتماد نظامه الداخلي بسبب الخلاف على القاعدة 42 ، كذلك مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي فشل بالمثل في اعتماد نظامه الداخلي بسبب الخلاف على القاعدة 40.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى