المقالات

عشـــر ذي الحـــجة

عبدالله محمد بن دايل
 _________________________

قال الله تعالى ( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) 7الحاقة ، اللـــــيـــل : من غروب الشمس وينتهي بشروقها بقوله تعالى ( سَبْعَ لَيَالٍ ) ولقوله تعالى ( قال آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ الناس ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ) 10مريم  .

الــــيــــــــوم : من شروق الشمس وينتهي بغروبها بقوله تعالى ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ) ولقوله تعالى ( قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ الناس ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً ) 41آل عمران ، وأفضل يوم هو ( يوم الجمعة ) لقوله عليه السلام ( خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمس يومُ الجمعة ) متفق عليه ، وأفضل الأيام هي العشر الحجة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه البخاري ، وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أفضل أيام الدنيا العشر -يعني عشر ذي الحجة- قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه في التراب ) الحديث ، لأن فيها من أفضل وأعظم أيـــــام الدنيا وهي : ( يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويسمى الحج الأكبر ) والله أعلم  .

لذا حريٌ بالمسلم أن يجتهد بالإكثار هذه الأيام وبما أرشدنا به ديننا الحنيف وهي عبادة إحياء (( ذكر أسم الله من تهليل وتكبير وتسبيح وتحميد بأي صيغة أو عدد )) والتي قد أغفلت في هذه الأزمان بخلاف ما كان عليه السلف الصالح ، بدليل قوله تعالى ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ) 27الحج أي ( أيام العشر الحجة ) قاله إبن عباس رضي الله عنهما ، ولقول إبن عمر رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ) رواه أحمد، وصححه الشيخ أحمد شاكر  .

وقال الإمام البخاري رحمه الله : ( كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ، ويكبر الناس بتكبيرهما ) ، وقال أيضاً : ( وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً ) ، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام ، وخلف الصلوات وعلى فراشه ، وفي فسطاطه ، ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً ، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة  .

صـــيام يوم عـــرفة : لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يصومه ، ففي سنن أبي داود وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ) أي يوم التاسع وهو يوم عرفة ، وروى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ) ، وفي مسند أحمد عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل : ( أريت صيام عرفة ؟ قال : أحتسب عند الله أن يكفر السنة الماضية والباقية ) ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط ) ، وفي رواية ( لم يصم العشر قط )  .

الأضـــحـــية : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا ) رواه ابن ماجه والترمذي ، وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ ) رواه البخاري ، ومن آداب لمن عزم على أن يضحي كره له حلق شيء من شعره أو تقليم أظافره لحديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الحجّة وَأَرَادَ أحدكم أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عن شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ) رواه مسلم  .

وأخـــيراً : وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : ” الْعَجُّ وَالثَّجُّ ” أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ ، وَالْعَجُّ هو رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ ، وَالثَّجُّ هو سَيَلاَنُ دِمَاءِ الْهَدْيِ وَالأَضَاحِي قال الله تعالى ( وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ) 14 النبأ أي سيالاً  .

والله أعلم والهادي للصواب

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى