المقالات

صناعة المحتوى الإعلامي

مما لاشك فيه ان الاعلام سلاح فتاك لا حدود له فهو السلطة الرابعة لاي دولة والطابور الخامس لاي كيان ومن ذلك ان اي دولة تنوي القيام بأي عمل سواء دبلوماسي او حربي او حتى على الصعيد الداخلي تقوم بالتوطئة له اعلاميا ثم تبدأ فيه، كون الاعلام لاينتهي دوره عند مرحلة معينة كما في اي نشاط اخر فالاعلام يكون مهما للتوطئة ثم اثناء التنفيذ ثم الرقابة بعد التنفيذ لكي تبلغ الخطة مداها ونجاحها المنشود.
علينا اجادة صناعة المحتوى الاعلامي بشكل قوي ينافس الدول المصدرة له وذلك على المستوى العالمي والمحلي ونحتاج الى صناعة محتوى موجه للخارج اولا وذلك لاهمية الامر وحساسية المرحلة الحالية ومراعاة للمصالح القومية العليا، ومن مدى معرفة الدول العميقة لسلاح الاعلام الرادع جعلته من سياساتها واولوياتها.
ان نجاح أي دولة او أمة في اي ميدان سواء الحربي او الاقتصادي او الدبلوماسي مرتبط بالاعلام وصناعة المحتوى وقد عرفت الكثير من الدول العظمى ذلك فأجادت هذا الجانب بشكل بارع وهي هشة ومخترقة في جوانب كثيرة ولكن جعل منها الاعلام قوي لاتقهر مثل هوليود في امريكا، وقد تكون دول العالم الاول متفوقة في جوانب على الدول الكبرى لكنها لاتجيد صناعة محتوى اعلامي قوي ومنافس، فأولًا صناعة المحتوى الاعلامي ثم مضاهاة الدول ومزاحمتها في المجالات، لانه كلما كان المحتوى الاعلامي قويا كانت الدولة قوية، وكلما كان ضعيفا كانت ضعيفة.
عندما ينظر المتطلع لحصر الاسباب لكي نكون من مصاف الدول المتحظرة يجد أنه من اسباب ذلك وقد يكون أهمها الإعلام سواء الموجه إلى الداخل أو إلى الخارج، واضع الإعلام الموجه الى الخارج بين علامة تنصيص حيث ان هذه المرحلة مرحلة بالغة الأهمية وهي مرحلة انتقال وهي ان نكون فيها او لا نكون.
والمقصود بالاعلام جميع وسائل الإعلام مقروءة او مسموعة أو مرئية بكلا شقيها القطاعين العام والخاص.
ولجعل الاعلام يصب في مصبه المخطط له ويسير وفق الخطة الموضوعة بتفوق وامتياز وحكمة بعيدا عن التخبط والعشوائية، علينا اولا سن الانظمة الضابطة له، ثم تحديد الالية والضوابط لصناعة المحتوى.
ومن هذه الانظمة التي توجب على الدولة تشريعها وتطبيقها بقوة وحزم هو نظام ممارسة العمل الاعلامي وهو لإيضاح وبشكل جلي لمن يعملون بالاعلام مالهم وماعليهم من واجبات وحقوق وبالذات ان العمل الاعلامي اصبح للبعض مهنة سهلة في متناول اليد ممن هم وللاسف الشديد يجهلون ماهو الاعلام ومدى قوة العمل الاعلامي وضخامة الخطأ الصغير فيه مما جعل بعض العاملين فيه لايفرقون بين الغث والسمين والجيد والردي وجعله سلعة يتكسب منها، ومايكون له ومايكون عليه في صناعة المحتوى وتقديمه للمتلقي وقد يعتقد البعض انه بمساهمته هذه قد ينفع المجتمع وهو يضر ضررا كبيرا ومستطيرا، صناعه المحتوى اولا واخيرا عليها أن تعالج قضايا المتلقي وتنظر اليه بنظرته ومعالجة قضاياه من زاويته وتظهر التعاطف له لكي تلقى رواجا واسعا وقبولا شاسعاً، وكذلك توضع شروط صعبة للالتحاق بمهنة ممارسة الاعلام وبالذات الصحفيين منها شرط الخبرة في صحف او قنوات ذات خبرة، والشهادة في هذا المجال، ولايسمح بمزاولته الا برخصة معتمدة ، وبعد ثلاثة اخطأ تسحب الرخصة للابد ، ويوضح في الرخصة تحديد التوجه الاعلامي داخليا او خارجيًا ، ويكون للممارسين للاعلام الخارجي دورات خاصة لانها الدبلوماسية الناعمة، ويحظر النشر او المشاركة في وسائل التواصل والتحدث في الجوانب الاعلامية داخليًا او خارجيًا الا على المتخصصين في الاعلام وممن لديهم رخصة ،والحصول على دورات مكثفة من وزارة الاعلام ،والحظر على اعلام القطاع الخاص الاعلانات التجارية او الترويج لها الا بعد المساهمة الإعلامية الوطنية ، وتقديم محتوى اعلامي يخدم الوطن والمواطن.
ومن هذه الوسائل الاعلامية التي تحتاج الى توجيه وبشكل قوي مايعرف حاليا بما يسمى بالسناب شات وهو في الحقيقة اقوى و أعتى من القنوات الفضائية العالمية، وذلك لكونه يحمل مع كل شخص وفي متناول يده، وسهولة تنزيل او نقل اي محتوى يريده المتلقي، وكذلك سرعة نشر المعلومة، وسرعة تصديقها لتكرار ذات المعلومة في كل سناب وغيرها من الاسباب التي لاقيد عليها ولا رقابة.
أتمنى من وزارة الاعلام والجهات المختصة سن نظام يقنن ويحدد استخدامات السناب شات ويكون النظام كالاتي :
– اذا اراد احد رجال الاعمال الاعلان عن طريق احد المشاهير عليه اولا ان يحصل على ترخيص من فرع وزارة الاعلام الذي في منطقته ويكون الاعلان مدفوع للوزارة، منها تقليل ظهور الاعلاميين بشكل سلبي للاجيال وسعيهم وراء التكسب المالي دون النظر الى جودة المحتوى المقدم، وثانيا عدم اعتماد نجاح رجال الاعمال على المشاهير بل على جودة الصناعة المقدمة.
– اجبار مشاهير السناب بتقديم محتوى مفيد للجمهور بما لايقل عن مرة واحدة في الاسبوع توافق عليه وزارة الاعلام .
ان عدم ضبط محتوى السناب وصناعة المحتوى الاعلامي المقدم فيه بدقة وتشديد رقابي يجعل الامر مفتوح على مصراعيه وانفتاح الضرر بلا رادع يجعلنا على المحك وموجهين من قبل اشخاص تنقصهم الخبرة والدراية والشهادة وفي خطر لا حصر له.
إن المحتوى المقدم في السناب شات هو دون المأمول بكثير ومخيب للآمال الطامحة لبلوغ مصاف الدول المتقدمة على المستوى المحلي والعالمي فأغلب المحتوى المقدم يحض على الرفاهية المطلقة، وعدم الكدح والبناء، والتذمر وعدم القناعة بالقليل الموجود والتطلع للبعيد المفقود دون بذل جهود لبلوغه مما يولد العنف والتململ وجلد الذات.
وكما تكلم ابن خلدون في مقدمته وذكر ان الرفاهية سبب مهم لزوال الحضارات واندثار الامم وانحسار المد الثقافي.
ان بقاء السناب يضخ محتواه على ماهو عليه دون تغيير جذري سيولد اجيال متذمره وغير قنوعة وغير مستقرة نفسيا نتيجة جلد الذات والبحث عن الرفاهية و دون تفكير في العواقب من الفشل وتكدس الاجيال الإتكالية.

—————————

سعد الكودري

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
ksa